الناشطة سحر الشعبي : في أسبوع العدالة الإنتقالية .. لا سلام دون عدالة ، ولا عدالة دون إنصاف قضية شعب الجنوب
صوت عدن / خاص :
قالت الناشطة المجتمعية الصحفية سحر عبدالكريم الشعبي أنه في الوقت الذي تتعالى فيه الدعوات لإحلال السلام في اليمن ، يأتي أسبوع العدالة الإنتقالية ليعيد تسليط الضوء على واحدة من أكثر القضايا تعقيداً وحجرة تعثر أمام أي تسوية سياسية حقيقية.
وأكدت في مقالة لها أنه لا يمكن لأي عملية سلام أو عدالة إنتقالية أن تنجح دون الإعتراف الصريح بعدالة قضية شعب الجنوب ومعالجتها ، وأن تجاهلها هو محاولة لإعادة إنتاج الأزمات بدلاً من حلها .. فيما يلي نص المقالة:
في الوقت الذي تتعالى فيه الدعوات لإحلال السلام في اليمن يأتي أسبوع العدالة الانتقالية ليعيد تسليط الضوء على واحدة من أكثر القضايا تعقيداً وحجرة تعثر أمام أي تسوية سياسية حقيقية ، لا يمكن لأي عملية سلام أو عدالة إنتقالية أن تنجح دون الإعتراف الصريح بعدالة قضية شعب الجنوب ومعالجتها ، وتجاهلها هو محاولة لإعادة إنتاج الأزمات بدلاً من حلها.
فالوحدة التي روّج لها كمشروع وطني تحولت بفعل الحرب على الجنوب في صيف 1994 إلى أداة للإقصاء والنهب والتهميش ، وباتت ذريعة لفرض واقع سياسي وعسكري بقوة السلاح ، لا بقوة التوافق أو القبول الشعبي.
العدالة الإنتقالية لم تكن عنوانا لمرحلة ما بعد الصراعات بل هي مسار جوهري لمحو ماض ثقيل بالإنتهاكات ، وإنهاء الظلم ، وإنصاف الضحايا ، وبناء دولة قائمة على الحق والمساواة وإحترام كرامة الإنسان.
فمنذ العام 1990 وتوقيع إتفاق الوحدة ، وجد شعب الجنوب نفسه يتحول من شريك في مشروع سياسي إلى طرف مغلوب على أمره ، يعاني من التهميش الممنهج والإستحواذ على موارده ومقدراته ، ومن ثم جاءت حرب 1994 لتؤكد هذا المسار عندما تم إجتياح الجنوب عسكريًا وفرض واقع سياسي بالقوة ، ترتبت عليه إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ، شملت .. الإقصاء السياسي والإداري ، مصادرة الأراضي والثروات ، تسريح آلاف الجنود والموظفين الجنوبيين من مؤسسات الدولة ، وإهمال وتخريب القطاعات الإقتصادية الحيوية مثل مصنع الغزل والنسيج في عدن الذي كان يمثل ركيزة الإقتصاد في الجنوب ، بالإضافة إلى الإعتقالات والقمع والإنتهاكات الممنهجة بحق النشطاء السلميين.
وتواصلت هذه الإنتهاكات لعقود حتى إنفجر الحراك السلمي الجنوبي في 2007 رافعا شعارات المطالبة بالحقوق والكرامة ، وتدريجيًا بالمطالبة بحق تقرير المصير وإستعادة الدولة.
لقد باتت رسالة شعب الجنوب اليوم واضحة لا سلام دون عدالة ، ولا عدالة دون إنصاف ، وحق شعب الجنوب في إستعادة دولته وهويته حق أصيل ومكفول بموجب القوانين الدولية ومبادئ حقوق الإنسان والأساس الصلب لأي تسوية قادمة.
إن تجاهل هذه الحقيقة ، أو القفز عليها بحلول ترقيعية لن يفضي إلا إلى مزيد من التعقيد وسيبقي الأزمات مفتوحة على كل الإحتمالات ، أن الإعتراف الجاد بمظلومية شعب الجنوب والعمل على معالجتها ضمن مسار شامل للعدالة الانتقالية هو السبيل الوحيد لوضع حد لدورات الصراع ، وبناء السلام الشامل والمستدام.