ماذا لو منحتَ النساء فرصا عادلة، سيدي الرئيس؟
سيدي الرئيس رشاد العليمي،
شكرا لمقاربتكم الحقيقة وقولكم ما يجب أن يقال بصوت واضح لا يحتمل التأويل عند لقائكم الحكومة:
"ليس من العدل ولا من المنطق أن نعقد اجتماعا بهذا الحجم بينما تغيب عنه المرأة اليمنية تماما… وليس من المقبول أن تبقى الحكومة اليمنية بلا حقيبة وزارية واحدة تقودها امرأة، في بلد تشكل فيه النساء اكثر من نصف عدد السكان، ويمتلكن من الخبرة والكفاءة ما يجعل غيابهن خللا قانونيا ومؤسسيا يجب تصحيحه."
هذا الاعتراف وضع الإصبع على جرح عميق طال إهماله، ويفتح بابا لسؤال مباشر لا يعرف الالتفاف:
ماذا لو، سيدي الرئيس، استبدلتَ بعض الرجال بالنساء؟
ماذا لو تحقق العدل في انصاف النساء ومنحهن الفرصة التي اقصين منها طويلا؟
الوطن لن يخسر شيئا… بل سيكسب عقلا، وادارة، ونزاهة. ولن تجد امرأة تخون مصالح بيتها ووطنها، فالمرأة التي تُمسك بخيوط اسرتها كل يوم، وتقاتل من اجل مستقبل ابنائها، لا يمكن أن تفرّط او تساوم في مسؤولية اكبر اسمها “الوطن”.
لم تكن المرأة يوما، وعلى مر التاريخ، تلجأ للحرب وسيلة لتحقيق اهداف سلطوية او توسعية.
بل كانت — وما تزال — اكثر تطلعا نحو السلام، لأنه بالنسبة لها ليس خطابا سياسيا، بل شرطا للاستقرار.
السلام يعني بيتا آمنا، مستقبلا واضحا، وطمأنينة لا تهددها البنادق ولا النزاعات.
واي ام، ايا كانت، تتمنى مدرسة جيدة لابنائها، ودواء متاحا لاسرتها، وبيئة لا تُسحق فيها قيمة الانسان تحت اقدام الفوضى.
لا توجد ام تصمت حين تغيب الصحة من دارها، ولا امرأة تتغاضى عن مدرسة تنهار، او خدمة عامة تتراجع، او قرار يهدد بيتها. هذه الفطرة التي تحمل بها المجتمع كله… فكيف إذا كانت امرأة متعلمة، مثقفة، خبيرة، تمتلك رؤية وقدرة على القيادة؟
عندها يصبح تأثيرها ابعد من بيتها، يتجاوز اسرتها الى مجتمعها، ومن مجتمعها الى وطنها.
فلماذا امرأة واحدة فقط في الحكومة؟
ولماذا تُختصر الكفاءة النسائية في مقعد رمزي؟
ولماذا لم تُطبق الكوتا التي اقرها مؤتمر الحوار الوطني امام ما تقدمه النساء اليوم من حضور ومواقف وتضحيات؟
سيدي الرئيس، حديثكم عن غياب المرأة في الحكومة يفتح الباب واسعا امام عدد من الاسئلة المستحقة للمرأة:
هل هي لا تستطيع أن تكون وزيرة للتربية والتعليم لتعيد بناء الانسان؟
وهل هي لا تستطيع أن تكون وزيرة للصحة، وهو مجال تعرف تفاصيله بحكم مسؤولياتها اليومية؟
وهل هي ايضا لا تستطيع أن تكون وزيرة للعدل وحقوق الانسان، ورئيسة جامعة، ووزيرة للزراعة او الثروة السمكية؟
نحن — نساء اليمن — بحاجة الى صوتكم في معركة الوعي والقانون. نحتاج دعمكم لتصحيح المنظومة التي تُقصي المرأة رغم خبرتها، وتُهمّش دورها رغم كفاءتها.
ونحتاج قرارا سياسيا يعيد المرأة الى مكانها الطبيعي: شريكة كاملة في السلطة والقرار، لا ضيفة تُجمل السلطة.
ماذا لو، سيدي الرئيس، فُتحت ابواب الدولة للنساء كما يستحق الوطن؟
ماذا لو اصبح التعيين قائما على الكفاءة؟
ماذا لو وُضعت لوائح وشروط تمنح الجميع — بمن فيهم دعاة المحاصصة — فرصة المنافسة الحقيقية، ومن لا تنطبق عليه الشروط يغادر لصالح من يستحق؟
انا متفائلة… فالنساء، عند تكافؤ الفرص، سيحضين بمكان يليق بحجمهن وكفاءتهن.
وعندها فقط يمكن أن نرى اليمن كما يجب أن يكون، لا كما اعتدنا أن نراه.