صوت عدن/ خاص : 

إعتبر الناشط العدني الأستاذ بلال غلام حسين قرار الحكومة إلزام التجار خفض الأسعار تماشيا مع التغيرات في سوق العملة محفز وجميل لكن الإشكال الحقيقي لم يكن في القرار ذاته ، بل في الطريقة التي يجرى بها تنفيذه.
واوضح في منشور له اليوم أنه في العديد من المديريات لجأت السلطات المحلية إلى فرض الأسعار بالقوة مستخدمة أطقماً عسكرية وحملات تفتيش بأسلوب إستعراضي فيه من التهديد والوعيد أكثر مما فيه من التنظيم .. فيما يلي نص المنشور: 

في ظل التحسن النسبي الذي يشهده سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية اتخذت الحكومة قراراً بإلزام التجار بخفض الأسعار تماشياً مع التغيرات في سوق العملة ، وهذا شيء محفز وجميل خاصة في ظل معاناة المواطنين من ارتفاع تكاليف المعيشة .. لكن الإشكال الحقيقي لم يكن في القرار ذاته بل في الطريقة التي يجرى بها تنفيذه.

ففي العديد من المديريات لجأت السلطات المحلية إلى فرض الأسعار بالقوة مستخدمة أطقماً عسكرية وحملات تفتيش بأسلوب إستعراضي فيه من التهديد والوعيد أكثر مما فيه من التنظيم .. بدأ المشهد كما لو أن السوق أصبح ساحة صراع لا ميدان إقتصاد ، وتحول التاجر من شريك إقتصادي إلى مشتبه به!

من المؤسف أن يلجأ مدراء المديريات إلى أدوات القوة لإحداث تغيير اقتصادي في حين أن التاريخ أثبت أن السياسات التي تُبنى على التفاهم والشراكة مع القطاع التجاري تكون أكثر نجاحاُ واستدامة .. فالتاجر في نهاية المطاف حلقة مهمة في سلسلة الاقتصاد وإذا ما كُسر عنصر الثقة بين الحكومة والتاجر فإن الضحية الأولى ستكون السوق ذاته : إختفاء سلع ، احتكار ، رفع سري للأسعار ، بل وربما تهريب للبضائع.

في هذا الحالة يجب على السلطات أن تفتح قنوات تواصل حقيقية مع إتحادات الغرف التجارية وأصحاب المحلات لمناقشة آليات التسعير والتحديات التي تواجههم بدلًا من فرض الأوامر من خلال إصدار تسعيرة رسمية تتبعها حملات رقابية مدنية لا عسكرية من قبل مختصين في وزارة الصناعة أو المجالس المحلية، لا من قبل جنود مسلحين .. الرقابة تحتاج إلى قانون لا إلى بندقية. 

وبعد إعداد قائمة تسعيرية مبنية على دراسات واقعية لتكاليف الإستيراد والنقل والضرائب مع نشرها رسمياً للناس والتجار على حد سواء .. بالإضافة إلى المشاركة المجتمعية والإعلامية في الرقابة وفتح خطوط ساخنة وتطبيقات والنشر عبر مواقع التواصل للإبلاغ عن المخالفين للتسعيرة أو الإحتكار مما يشرك المواطن نفسه في حماية السوق.

الإدارة الحكيمة لا تُقاس بمدى قدرتها على فرض القرارات بالقوة بل بمدى قدرتها على بناء التفاهمات وضمان العدالة والشفافية .. وإذا أرادت الحكومة أن تعالج أزمة الأسعار فعليها أن تبدأ من جذورها : من العملة ، والضرائب ، وسلاسل التوريد ، لا من أبواب المحلات والمطاعم الصغيرة ، فالسوق لا يُضبط بالبندقية ، بل بالثقة والعقل.

والله من وراء القصد