في غياب الإرادة السياسية الشجاعة وتفشي الفساد .. الحكومة تعالج الأزمة الإقتصادية بالصدمات للهروب من واقع الفشل والعجز
صوت عدن/ تقرير خاص :
قال مراقبون أن تحسين سعر الصرف وتعافي الريال اليمني واستعادة جزء من قيمته كان مفاجئا وغير متوقع ان يصل الى مستوى متقدم من عافيته خلال اربع أيام فقط .. لافتين الى أن ما حصل يثير كثيرا من التساؤلات حول تحسين سعر الصرف في ظل تفاقم الأزمة الإقتصادية التي القت بظلالها على تدهور كافة الأوضاع المعيشية والخدماتية.بشكل غير مسبوق وسط تعاظم الإحتجاجات الشعبية الغاضبة في عدد من المحافظات المحررة التي اندلعت بقوة ولم تستطع ميليشيات المجلس الرئاسي وسلطات الأمر الواقع وقفها بكل وسائل القمع والارهاب.
واضافوا بأن دعوة الحكومة لتعديل الاسعار بما يتناسب مع التحسن الملموس للريال اليمني وبشكل مفاجئ وبدون سابق إشعار أو تنسيق مع الغرفة التجارية والصناعية وكبار المستوردين ورجال الاعمال قد اصطدم برفض تلك الدعوة التي قالوا انها اربكت المشهد الاقتصادي وسوف تتسبب بإفلاس شركات توريد السلع والمواد الغذائية والشركات الكبرى وتجار الجملة والتجزئة الذين أشتروا العملة الاجنبية بسعر مرتفع لتوفير المتطلبات الغذائية والتموينية وأنه من غير المقبول أن يخسروا أموالهم تنفيذا لقرار حكومي مرتجل وغير مدروس وبدون توفير ضمانات بنكية.
وأكدوا أن قرار تحديد سعر الصرف في ظروف تخلوا فيها خزينة البنك المركزي بعدن من العملات الاجنبية وعدم حصول الحكومة على منح مالية من الداعمين الاقليميين والدوليين بالاضافة الى عدم توريد الكثير من المؤسسات الرسمية للإيرادات الى خزينة البنك المركزي بعدن كلها تؤكد ارتجالية الجانب الحكومي الذي يحاول حل الازمة الإقتصادية بالصدمات والضربات القاضية لفرض أمر واقع تكتنفه إشكاليات وتعقيدات أضرارها قاسية وكارثية
ولفتوا الى انه كان على الحكومة أن تفرض بارادة قوية على المؤسسات الرسمية في عموم المحافظات توريد الايرادات المالية الى البنك المركزي بعدن واتخاذ اجراءات ضد معطلي ذلك الطلب وتحويلهم للمساءلة القانونية الحازمة بالاضافة الى تجفيف منابع الفساد وحل مشكلة عدم تصدير النفط والغاز والتوقف عن صرف رواتب كبار الموظفين بالعملة الاجنبية والقيام بعملية اصلاحات حقيقية للنهوض بالاوضاع المتدهورة التي تتطلب ارادة سياسية فاعلة وقوية ونزيهة.
الصحفية ضياء سروري رئيسة موقع صوت عدن أكدت بمنشور لها على صفحتها في الفيسبوك أن الحل في الدعم والتصدير وتوريد مؤسسات الدولة للبنك المركزي بشكل منتظم وأيضا تحصيل الضرائب بشتى أنواعها وما دون ذلك لا فائدة منه ، حتى وإن أصبح سعر الدولار ريالا واحدا فقط طالما وان تحديد قيمته في عدن لا تعتمد على أبجديات الإقتصاد العالمي والمحلي بل على الشطحات وإعادة الشعبية والتطبيل .
واوضحت أن خزانة البنك المركزي لن تمتلئ بقرارات وتوصيات وخزعبلات عسكرية وإعلانات على المواقع من رخص ومن أمتنع .. لافتة الى أن المواطن بدون راتب لأشهر فكيف بمقدروه شراء الرخيص والغالي ؟ وبطبيعة الحال إستمرار سوء الخدمات قائم لأن الدولة عاجزة عن دفع قيمة الوقود للتجار أو إستيراده من خارج البلاد .. عجبكم الكلام أو ما عجبكم .. هذا هو الواقع .. مشيرة الى أنه حتى البروباجندا لها أصول يا جماعة الخير.
أحد النشطاء قال أن الذي حصل حاليا بعدن ليس مجرد تحسن مفاجئ في سعر الصرف ، بل هو مثال واضح على ما يُعرف في علم الاقتصاد السياسي بـأسلوب الصدمة أو العلاج بالصدمة الاقتصادية .. لافتا الى أنه في ظرف 3 أيام أنهار سعر صرف الريال السعودي من 780 إلى 390 ريال يمني وحصل هذا بدون مقدمات ولا حتى أعلن عن ضخ عملة أجنبية أو توقيع اتفاق مع مانحين أو تصدير نفط ولا أحدا كان يتوقع ومع ذلك تم إجبار السوق على الالتزام بالسعر الجديد ، وتمت حملة على محلات الصرافة وقرار باقفال عشرات المحلات ونزلت لجان رقابة الأسعار معها حشود أمنية وتحركت إلى المديريات وكأن الأمر جزء من خطة ضربة إقتصادية خاطفة.
واوضح أن هذا النوع من المعالجات ما ينجح إلا إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية وصادقة ورجال دولة لديهم الشجاعة والصلابة لمواجهة شبكة المصالح الشخصية من هوامير الفساد والقيام إصلاحات مؤسسية ومحاسبة حقيقية .. وشفافية وتمكين الجهات الرقابية .. وفصل تام بين التجارة والسلطة .. مؤكدا أن الصدمة قد تنجح لكنها تحتاج رجال دولة لا يرتجفون من ردود الأفعال .. قيادة لا تسكت إذا ارتفع صوت الفساد وخطة لا تنتهي عند نشرة سعر صرف أو حملة مؤقتة .. مؤكدا أن الصدمة وحدها لا تعالج الإقتصاد بل قد تقتله إذا لم يتبعها إصلاح حقيقي.