بينما كنت في باص متجهة نحو الشيخ عثمان، قرر السائق فجأة أن يهرب من المرور فسلك طريقًا ممنوعًا، متعديًا على ممشى مخصص للأطفال والنساء وسكان العمائر في المعلا ، عندها نبهته امرأة عابرة قائلة: 
ماذا تركت لنا لنمشي عليه؟!، فإذا به يرد عليها بألفاظ نابية وكأنها ارتكبت جريمة لمجرد أنها قالت الحقيقة.

كنت أراقب الركاب في صمت فبعضهم اكتفى بالسكوت والبعض الآخر ضحك، فسألت نفسي، هل أتكلم وأعرض نفسي لمشكلة مع هذه العقلية بينما الجميع ساكتون؟!، أدركت حينها أن الصمت عن الخطأ قد يكون جريمة أكبر من الخطأ نفسه.

في حين واصل السائق طريقه، توقف فجأة ليشاهد  حادث مروري بين باصين والأمر لايعنيه بل ونزل من باصه دون أن يستأذن الركاب، تاركًا الجميع ينتظرون عودته، عندها لم أتمالك نفسي فاستغليت الفرصة لأخرج استيائي و أوعي الصامتين ، وقلت بوضوح إن ذلك التصرف مع المرأة كان خطأ منه، هي لم تخطئ بل قالت الحقيقة، كيف سمح لنفسه أن يرد عليها بتلك الطريقة، ثم يتركنا هكذا واقفين في الطريق ننتظر وكأننا بلا قيمة؟!، ألسنا بشرًا لدينا التزامات ومواعيد؟!، أليس في ذلك استهتار وعدم احترام؟!، تحدثت بصدق وغضب لكن مع الأسف لم أجد من الركاب سوى صمت بارد وكأن الأمر لا يعنيهم، حتى عاد ذلك السائق وأكملنا طريقنا وكأن شيئًا لم يكن.

كانت الصدمة الأخيرة حين رفض أحد الرجال أن يركب معنا أو يرد عليه، ليعود بشتمه ولعنه، وكأن الاحترام آخر ما يفكر فيه.

هذا المشهد كله جعلني أتساءل، كيف أصبح النظام مجرد خطوط على الطريق لا يحترمها أحد؟!، وكيف صارت الأخلاق كلمة ترف بينما الوقاحة تُقابل بالضحكات؟!.
كيف نتجاهل صوت امرأة قالت حقًا بينما صمتنا يبرر الخطأ؟!.

#الحقيقة أن القانون وحده لا يكفي، فالمجتمع يبنى على الأخلاق أولًا.
الاحترام ليس ضعفًا والنظام ليس قيدًا، والكلمة الطيبة ليست خيارًا بل هي من تمنحنا الأمان والكرامة.

لنراجع أنفسنا، فهل نحن ممن يصمتون ويضحكون أم ممن يقفون مع الحق حتى لو كانوا وحدهم؟!...